(
كثيرا ما كنت أسمع عن الوقوع بين شقى الرحى دون ن أحس ذلك المعنى
اليوم أحس أننى محاصر ومسحوق بين الرحى حتى النخاع ، فأنا بين ( امرأتين ) كلتاهما مُرُ ، فشهرزاد الجميلة الواعده بالليالى الحالمة تطلب الثمن مقدما تنازلا عن الكرامة وإنقيادا تاما ، وزوجتى عازفة عن إرواء أرضى العطشى لقطرات الحب والحنان.
لا زالت أقدم رجلا و أؤخر أخرى حول التنازل عن الفكرة ، فالفكرة نفسها قد أصبحت جنونا مطبقا عندما أحكم عقلى فيها ، ولكن التخلى عنها أيضا يعنى إطفاء شعاع الأمل فى حياة جديده وسعادة منتظره
كانت كل تلك الافكار تتقاذفنى عندما رن الموبايل ومعه دق قلبى بعنف عندما ظهر إسم أحمد أبو ليطه على الشاشه
من هو أحمد أبو ليطه هذا ؟
....................
....................
....................
....................
....................
..... شهرزاد بالطبع !!!
فقد علمتنى السنون أن زوجتى تراقب الموبايل مراقبة شديدة وتتفحص الأسماء والمكالمات الصادرة والواردة بدقة يحسدها عليها كبار أعضاء السى أى إيه ويقف أعضاء الاف بى أى أمامها عاجزين مشدوهين ، لذا أخترعت هذا الإسم فلن يدور بخلدها أبدا أن ( أبا ليطه ) حسناء مراوغة تتقاذفنى يمينا ويسارا
ضغطت على أعصابى بشده كى أدع الموبايل يرن ثلاث مرات حتى لا تعتقد أننى رهن إشارتها ثم أجبت بصوت هامس مرتعش رغم شدة حرصى على أن يبدو قويا متماسكا قائلا
....... أهلا دكتوره
جاء الصوت الرخيم المدغدغ
....... أهلا بيك ، فينك ؟ يعنى ما أتصلتش
( ما هذا ؟ إن لهذا الاتصال مغزى لا يخفى على أريب مثلى ، لابد أنها ترانى فرصة تخاف أن تفلت منها )
قلت ومؤشر نفسيتى يتصاعد
..... والله كنت مشغول شويه
قالت وضحكة ناعمة مذيبة للصخور تتغلغل فى جسدى
...... وإيه إحنا مش على الجدول
سرعان ما تخليت عن حذرى وقد تخدرت اعصابى – كشأن أى رجل أمام صوت مغناج – وقلت
...... معقول دا إنتى قبل الكل
...... لا مش باين ، يعنى ما عرفتش حتعمل إيه فى موضوع التحاليل
...... تحاليل إيه بس ، سيبك علشان خاطرى من حكاية التحاليل دى ، التحاليل دى يعملوها العيال بتوع اليومين دول اللى شعرهم لنص ضهرهم لكن إحنا بالصلاة على النبى فل الفل بس الواحد مش بيتكلم علشان الحاجات دى بتتنظر
....... هئ هئ هئ هئ بتتنظر هئ هئ ، تعرف إن دمك خفيف
....... هو انتى لسه شفتى حاجه دا أنا فرفوش و احب العيشه الحلوه والست اللى معايا تشوف النعيم ألوان
....... طيب عموما حنشوف
...... و أنا جاهز تحبى أوريكى إمتى
...... نعم ؟!!!!
..... قصدى يعنى أوريكى أحلى أيام أول ما نعلى الجواب
...... خلاص
قلت وقلبى يرقص الشتشاتشا
........ يعنى أفهم إنك موافقه وحتنسى حكاية التحاليل
....... هئ هئ هئ خلاص مادام إنت واثق من نفسك
....... لا إطمنى خالص دا أنا مضمون مدى الحياه مش 36 ساعه
........ هئ هئ هئ دا إنت مصيبه
......... دى حاجات بسيطه كده
...... طيب عايزين نقعد نتكلم فى التفاصيل
...... انا تحت أمرك
..... خلاص ممكن تزورنا بكره وتتكلم مع ماما وخالى
..... أنا أتكلم مع ماما وخالو وعمو وشيخ القبيلة كمان
..... هئ هئ هئ شيخ القبيلة هئ هئ هئ طيب يا سى عنتر ممكن تيجي على الساعه 7
..... وهو كذلك
..... طيب باى
..... باى
آآآآآآآآه باى باى يا حياتى الرتيبه الممله .......مرحبا شهرزادى الرائعه
( يتبع )
(9)
ما شاء الله
ما أروع هذا النشاط الذى يدب فى أوصالى ، كيف أرى كل شئ حولى جميلا زاهيا ملونا رغم أننى كنت لا أطيقه قبل دقائق
فهذه زوجتى تزعق بشدة سائلة
( مين اللى إتنيل دلق عصير برتقان فى الثلاجه ، إنتم حتموتونىىىىىىىىىىىىى)
ما أروع هذا العزف الملائكى ، أكاد أحلق قرب النجفة حتى أصل إليها واتناول يدها لأطبع عليها قبلة ورائحة الرنجه الملتصقة بها تنعش صدرى لأقول ( الله الله قوليها تانى حتموتونىىىىىىىىىى ياسلام ما أجمل اللحن و أروع الصوت )
إبنى الصغير يجذب شعر أخته بشده فتصفعه بينما يركلها فى بطنها ويبكيان بحرقة فابتسم و أقول لنفسى ( يا سلام فعلا أحباب الله )
طلبت منى زوجتى أن أحضر خبزا لأنها نسيت أن تطلبه منى عندما كنت اشترى لها ربع الجبن الابيض منذ ساعة
تقبلت الأمر و الابتسامة تغمر وجهى وقلت ( من عنيا يا حبيبتى مش عايزه أى حاجه تانى يا عمرى )
هبطت السلم مسرعا وخرجت من باب العمارة كانت الأمطار قد توقفت للتو والشارع ملئ بالمياه أمام العمارة
مرت سيارة مسرعة فغمرت المياة المتطايرة جسدى و أخرج شاب راسه من السيارة الهاربة وزعق
( ما تحاسب يا إبن ........ )
تابعت السيارة بعيون حالمه يتقاطر من رموشها الماء و أنا اقول ( معلش ما أخذتش بالى ربنا يستر طريقكم يا اولاد )
كل شئ رائع .... كل شئ جميل ..... كل شئ يبعث فى داخلى السعاده بكل معانيها
فى اليوم التالى كان على أن أستعد للقاء الغد مع خال شهرزاد فى بيتهم ، استاذنت من العمل ومررت بالمحل الذى أشتريت منه الملابس التى كلفتنى نصف راتبى وابتعت بدلة وقميصا وربطة عنق ( لا يمكن أن ترانى شهرزاد بنفس الملابس ولا يمكن أن ارتدى بدلة قديمة )
( يانهار إسود )
كانت تلك الكلمة الطيبة المرحبة هى ما أستقبلتنى به زوجتى عندما وقعت عينيها على الشنطة الخاصة بالبدلة
وأكملت
...... إنت جبت بدله تانيه !!!!!!!!!
كنت قد أعددت عدتى للموضوع بكذبة تخدم جميع الأغراض فقلت
...... تعالى يا حبيبتى أنا عندى ليكى خبر جميل
..... خبر إيه
...... اصل الراجل بتاع أمريكى حيشغلنى معاه يومين فى الأسبوع ( هنيالك يا شهر مرتين فى الاسبوع )
...... طيب وشغلك
..... لا دى فتره مسائيه من 8 الى 12
..... نعم !!!!! 12 فى حد بيشتغل الساعه 12
..... أيوه اصل الشغل اصلا فى أمريكا وانتى عارفه فرق التوقيت أنا حدخل بالكمبيوتر على النظام هناك فى شركته علشان أعمل له الشغل اللى هوا عايزه ، وربنا يوفقنى و أبسط النظام
..... نعم !!! يعنى إيه تبسط النظام
..... آآ ... إحم .... قصدى أظبط النظام و أروقه يعنى
...... وده حيكون أنهى ايام
...... الخميس اساسى ويوم تانى حسب مزاجه
...... طيب وحيديك كام
( اسقط فى يدى فلم أحسب حساب هذه النقطة ولكن لا مجال للتراجع الآن )
...... لسه ما أتفقناش بس انا أوريله الشغل وهو لما ينبسط مش حيتأخر
..... والله كويس بس إنت كده حتتعب أوى
...... معلش أهو كله عاشنكم
إقتربت منى وطبعت قبلة مفاجئة على خدى وهى تقول بصوت حنون نسيته منذ زمن
..... ربنا يخليك لينا ويقويك إنت طول عمرك بتتعب علشان الأولاد
ماهذا ؟ ماهذه اللحظة ؟ وماهذا الشعور الآن ؟
لماذا أحس نقطة حزن شفيف تنبعث داخلى ؟ لماذا كانت عبارتها الأخيره اشبه بوخزة توشك أن توقظنى من أروع الأحلام ؟
تركتها ودخلت إلى غرفة النوم و أنا أحس غصة غريبة
جلست قليلا على السرير ورفعت رأسى لأرى صورة زفافنا ، الصورة معلقة منذ زواجنا لكننى لم أرها ولم أتوقف عندها منذ سنوات
مالها تجذب ناظرى اليوم ، مالها تثير بداخلى شعورا عجيبا لا استطيع أن افهمه
ولكن لا.... لن أدع نفسى للتردد ، لأدفع هذه المشاعر المتخاذلة ولأتذكر ما تفعله بى دوما
أخذت استدعى من الذاكرة اشد خلافاتنا وأسوأ تصرفاتها لأقتل هذا الشعور العجيب الذى يتغلغل داخلى والذى يكاد يكون شعورا بالذنب تجاهها
استدعيت موقفا تلو موقف ...... لا فائده المواقف تبدو لى الآن-وياللعجب- مواقف عادية ومن الممكن التجاوز عنها
بل و الأدهى أننى اخذت أقارن بين مواقفها وبين ما اسمعه من مواقف أخرى من المحيطين بى فاجد ما تفعله هينا وليس كما كنت أراه من قبل .
آآآآآآآآآه ماذا أفعل الآن لا بد أن أبحث فى الذاكرة عن مواقف أشد إيلاما حتى أقتل هذا الإحساس
لابد ...... لابد
( يتبع )
(10)
كنت لا أزال مستلقيا على السرير أحاول تذكر أيا من المواقف عندما إنفتح الباب وهلت زوجتى الحنون التى ما أن رأتنى مستلقيا على السرير حتى صرخت بصوت يشقق الجدران
..... إيه دااااااه نايم بالقميص اللى لسه كاوياه ، يا أخى حرام عليك ، أنا مش ملاحقه عليك وعلى عيالك ، دى لو خدامه مكنتوش تعملوا كده
..... معلش أصلى نسيت
..... نسيت !!! طبعا وتتعب نفسك وتفتكر ليه ..... إنت كرمش والخدامه تكوى
قلت وأعصابى ترتعش
..... خلاص إيه اللى حصل يعنى
...... خلااااااص !!!!!! طبعا ما هو إنت اللى تقول خلاص وإنت اللى تقول لسه وأنا تحت أمرك تسكتنى لما تعوز وتسيبنى أهاتى لما تعوز
...... بقولك إيه اسكتى دلوقتى أحسن لك
....... ننننننننععععععععععععم ( وهى ترقص وسطها إستهزاءً) أحسن لى ، لأ خوفتنى ليه حتعملى إيه إن شاء الله
لم اسمع شيئا من باقى ذلك الموشح الرهيب الذى سمعته 8631 مره منذ زواجنا ، فقد أحسست براحة كبرى و أنا أتخذ قرارى النهائى بالزواج من شهرزاد
.........
.......
كنت أتابع دوما شكاوى النساء فى تلك الصفحات التى تموج بها الصحف والمجلات والتى تتحدث دوما عن خيانة الرجال وزواجهم بأخرى ، ودوما تذكر الزوجة أنها قد ربت الأولاد وأنهم تعلموا أفضل التعليم وأنها وقفت إلى جوار زوجها حتى أصبح ميسور الحال و أنها اتقت الله وحافظت على عرضه و أنها .... وأنها ....ثم تتباكى على الغدر والخيانة
عزيزاتى النساء أنتن مخطئات تماما .... هناك ما يسمى بالنقاط الصغيرة !!!!! ماهى النقاط الصغيرة ؟
قديما كانت بعض الدول تنتهج وسيلة عجيبة لتعذيب المعارضين والاسرى ، لم تكن تلك السياسة تعتمد على الجلد بالسياط أو الكى بالنار أو تقطيع الأعضاء ، لقد كانت وسيلة رهيبة لا تترك أى أثر !!!!
كان أولئك البغاة يجعلون السجين يستلقى على ظهره فوق لوح خشبى ويربطون يديه ويثبتون راسه بواسطة كلابتين فلا يمكنه تحريك رأسه إطلاقا
ثم يضعون المسكين تحت صنبور مياه تنزل منه نقطة واحدة كل 10 ثوانى مثلا بحيث تسقط النقطة فى منطقة التقاءالأنف بالجبهة !!!!
إنها مجرد نقطة مياة لا يمكن أن تلفت الإنتباه ولكن الرتابة والتكرار المستمر يجعلانها سلاحا مروعا فيجن المسكين خلال يومين على الأكثر ثم ينهار جهازه العصبى ويموت !!!!
هذا سيداتى ما تفعلنه بأزواجكن المساكين إنها تلك المشاكل والتعليقات والمواقف التافهة جدا فى حد ذاتها ولكن تكرارها الرهيب يتكاثر عبر السنين حتى يفقد الرجل القدرة على الاحتمال فيجن ويتزوج
إرتاحت نفسى لهذا التفسير تماما فلا حاجة لى للبحث عن مواقف ضخمة وخطيرة من زوجتى فهى خير من أتبع سياسة النقط الصغيرة
.........
.........
فى اليوم التالى كنت فى منزل شهرزاد والتى إستقبلتنى بابتسامة شهية وفرحة واضحة بوجود خالها ووالدتها
تعارفت بخالها وكان رجلا ودودا وسرعان ما أتفقنا على كتب الكتاب بعد يومين فقط بحضور خالها ووالدتها و عدد محدود جدا من أقاربها فى أحد المساجد .
طلبت أن نسافربعدها مباشرة إلى إحدى القرى السياحية لنقضى عدة أيام فوافقت شهرزاد بوجه متهلل
.....
كان على أن أعد نفسى فأخبرت زوجت بأننى مسافر إلى الصحراء الغربية قالت مندهشه
...... الصحراء الغربية !!!!!!
...... أيوه فى شركة هناك عندها منجم منجنيز وعاملين كامب وعايزين نوصله نظام كمبيوتر
...... وحتقعد أد إيه
...... خمس ايام
..... ليه دا إنت دايما بتكون مأمورياتك يومين بالكثير
...... أيوه بس ده منجم جديد وعايز شغل على رواقه ، لازم أعمل تأسيس كويس للنظام
...... بس الصحرا دى بتكون صعبه والعيش فيها متعبه
...... دعواتك ربنا يقوينى ، هى المشكلة إن ما عندهمش تليفونات لسه والموبايل بيقولوا بيكون إرساله ضعيف وححاول أكلمكم كل ما أقدر
........
إشتريت حقيبة جديدة ووضعتها فى شنطة السيارة وأخذت اضيف إليها إحتياجاتى كعريس جديد
فى العمل تحدثت إلى السيد أبو وائل زميلنا على إنفراد قائلا
..... بقولك إيه با أبو وائل أنا دايما بسمعك تشكر فى خلطه كده بتأخذها علشان الفرفشة يعنى
...... آه خلطة أبو الشماريخ .... إيه إنت محتاج ولا إيه
....... لا .... لا ... دا واحد صاحبى حيتجوز وبيسأل عن حاجه طبيعية تفرفش المسائل
...... بص يا سيدى دى بيجيبها سالم
....... سالم !!! سالم الساعى ؟
....... أيوه ما إنت عارف هو من بدو سيناء وعارفين الأعشاب الطبيعية
....... طيب خلاص حكلمه
ناديت سالم أثناء إنصراف الموظفين وأخذت أشغله حتى إنصرف الجميع ثم قلت بصوت خافت
...... إسمع يا سالم أنا ليه واحد صحبى حيتجوز وكان عايز حاجه لزوم الفرفشه يعنى وعرفت إن عندك خلطه حلوه
قال بسخرية
....... ايوه ما كل اللى فى الشركة بيأخذوها لأصحابهم برضه
تجاهلت رنة السخرية وتلميحه الوقح وقلت
...... أصله عزيز عليا ويهمنى يكون تمام
..... ولا يهمك يا استاذنا إتفضل
أخرج من جيبه كيسا به بعض الأعشاب المطحونه ذات اللون الأخضر وهو يقول
...... شوف يا سيدى معلقتين من دول ويخلى جماعته يدعكوهوم فى زلموكة وزه وبعدين ...
...... نعم !!!!! زلموكة وزه !!!! وكمان الجماعه اللى حيدعكوهوم !!!! مش ظريفه خالص اصل جماعته يعنى طالعين فيها وأكيد هو عايز ما يعرفهمش حاجه ... ما انت عارف بئه
...... طيب خلاص يسف 3 ملاعق ومعاهم معلقتين زبده
( زبده ..... ممكن زبده )
.... طيب الف شكر يا سالم ودول بكام
.... 40 بس وطمنى على صاحبك ( وهو يغمز بعينه )
أضفت الكيس إلى محتويات الحقيبة المخبأة فى السيارة وأنا متأكد أننى لست بحاجة إليه .. ولكن من باب الاحتياط فقط
عدت إلى منزلى ودخلت إلى السرير مبكرا .... غدا الليله الكبيره ولابد أن أكون فى كامل لياقتى البدنية
( يتبع )
(